الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

جريدة الوفد

ابن شيخ "النحاسين".. يعيش في جلباب أبيه!

    ابن شيخ "النحاسين".. يعيش في جلباب أبيه!
    في خان الخليلي وتحديداً في "رَبع السلحدار"، لن يكون صعبا أن تعثر على ورشة "عم صلاح" شيخ النحاسين، والتي يجلس بها هذا الشاب ليمارس مهنة والده "النقش على النحاس" حتى لا تنقرض، رغم حصوله على بكالوريوس التجارة..
    فبعد أن طال المرض "عم صلاح" ثم وفاته بعد ذلك، رحل معظم صنايعية الورشة، لكن نجله "أحمد" صمم على ألا تغلق الورشة، وقرر أن يجلس وحيداً داخلها يمارس مهنة أبيه، بجوار عمله في إحدى الشركات الخاصة.
    النقش.. متعة وإبداع
    من داخل الورشة الشهيرة حدثنا أحمد قائلاً: "أنا تعلمت النقش على النحاس والفضة من والدي وورثتها منه بعد مماته، والبداية كانت في أيام الإجازة وأنا تلميذ صغير فى ورشتنا، ومع الوقت تعلمت فن النقش على النحاس وتطعيمه بالفضة، ورغم كونه فنا صعبا ودقيقا جدا، إلا إنه ممتع وفيه إبداع".
    ويتذكر حكايات والده عن أشهر زبائنه قديما، والذين كانو من البكوات والبشوات وذويهم ومشاهير الفن والسياسة مثل الملكة فريدة والوزراء، وأيضا ملكة إسبانيا ومادلين أولبرايت وزيرة خارجية أمريكا في عهد بيل كلينتون. وجميعهم كانوا يطلبون اقتناء آيات من القرآن الكريم، وصور الزعيم جمال عبد الناصر وكوكب الشرق أم كلثوم والأشكال الفرعونية والخطوط الإسلامية.
    الصيني يكسب المصري
    يضيف أحمد: "الآن الزبون اختلف تماماً عن الماضي، ففي الماضي كان الزبون لديه حس مرهف وذوق عال ويختار الحاجة الغالية ولا يفاصل في ثمنها، ولكن زبائن هذه الأيام عدد قليل منهم هو الذي يفهم في النحاس ويقدر تعب الصنايعي ومجهوده، والغالبية تختار المنتجات الرخيصة وتلجأ للمنتجات الصينية، وأنا لا أتعامل فيها رغم رواجها فهي عديمة الإحساس وتفقد للمتعة.. لكن مين يفهم؟".
    ويذكر نجل شيخ النحاسين أنه لو قام بعمل صينية عليها نقوشات إسلامية أو فرعونية يتكلف سعرها بين 700 و1500 جنيه، فكيلو النحاس حاليا يزيد على 60 جنيها، بعد أن كان يباع الكيلو منه بعشرة قروش فى الستينيات، بمعنى أن هناك ارتفاعا في أسعار الخامات المستخدمة فى صنع التحف النحاسية "فمن اليوم يستطع شراء صينية نحاسية بهذا السعر غير الهواة والفنانين واللي مقدرين النقوشات النحاسية، كله بيسترخص الصينى والمقلد".
    وحدي في الورشة
    ويضيف أحمد، عن تدهور حال النحاسين والمهنة بشكل عام قائلاً: "إحنا كنا 20 صنايعي تحت يد والدي فى الورشة ودلوقتى مش باقى غيري، المهنة بتنقرض ولم يعد أحد يريد العمل بها بسبب المنتجات الصيني، حيث اختفى العاملون بالمهنة بعد عدم شراء الأواني النحاسية وبعد أصبحت الأوانى الفضية (الألومنيوم والاستانلس) هى البديل".
    ويتابع بحزن: "أولادي مثلاً لم يأتوا إلى ربع السلحدار إلا قليلا، وليست لديهم الرغبة في تعلم المهنة وعندهم حق، ومع ذلك لا أستطيع ترك ورشة والدي أو مهنة النحاس، أو أن أعتمد على وزراة الثقافة لإحيائها لأنها "مبتعملش حاجة تمنع الصينين من استغلال تراثنا"، ولو إحنا تركناها للصين واليابان يبقى عليه العوض فى تاريخنا".


    اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - ابن شيخ "النحاسين".. يعيش في جلباب أبيه!

    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق